آدم الشرقي - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني

 
آدم الشرقي
جولاني - 05\05\2012
قبل أن أتحدث عن هذه السيكولوجية أقول إن الواقع الاجتماعي الذي نعيشه شديد التناقض والتخبط والفوضى، وإن أوضاع الفتاة العربية ليست بعيدة عن هذا، والواقع الاجتماعي وواقع الفتاة العربية لهما دور كبير في تشكيل النفسية للرجل الشرقي أو العربي، لكن هذا الواقع لا يكفي لتفسير أو حتى تبرير هذه النفسية!!
والصفات السيكولوجية لا تعني تعميماً مطلقاً على كل الشرقيين، ولا تعني كذلك أن يحملها الشخص جميعاً بل قد يحمل بعضها أو كلها.
الرجل الشرقي "قبل الزواج" حائر ومتردد وعاجز ومتناقض وهارب من تحمل المسئولية: فهو حائر من الأصل: هل يتزوج أم لا ؟!
وهو يرى أن زيجات كثيرة تفشل سريعاً، وأزواجا كثيرين لم يحققوا من الزواج ما كانوا يطمحون إليه، وبالتالي ليسوا سعداء.
ويفكر لماذا يتزوج ومن الممكن أن يحصل على متعته دون زواج!! "أو هكذا يتصور ويحاول أحياناً"، وهو حائر، خائف من المجهول، وهو يسمع إشاعات عن هذه، وأقاويل عن تلك، وأخبار الفساد تنطلق، وفضائح السوء بالكذب وبالحق تروج هنا وهناك؛ لتصبح كل فتاة مدانة حتى تثبت براءتها!!
ولم يعد الزواج مثل زمان حيث كانت المرأة ترعى وتعتني، وتربي، وتكون ركيزة البيت، تستوعب طيش الرجل في شبابه، وضعفه في شيخوخته، تطيعه وتقول: نعم، ويكون لها ما تريد بالطبع؛ لأنها كل حياة الرجل، وكل بيته…
أما الآن فقد فقدت المرأة حكمة الجدات، ولم تكتسب لا خبرات إدارة المنزل، ولا مهارات تربية الأطفال ولا أساليب ترويض الرجل، فأصبح آدم الشرقي يسأل نفسه ـ ولو بشكل غير واعٍ ـ لماذا أتزوج، وأنا في بيت "أمي" ترعاني، وحولي السمراوات والشقراوات ؟!!
* و"آدم" الشرقي خائف من تحمل مسؤولية الزواج بما يعنيه من نفقات، ومسؤوليات أبوة، وتربية، ورعاية، وتحمل أعباء.
خائف من زوجة تناطحه، أو من أطفال يزعجونه بمطالبهم وصراخهم، ومن مطالب بيت، ومصاريف أسرة في ظل اقتصاد ليس بالمستقر، ولا بالمنتعش.
* وآدم الشرقي "خيالي" يريدها جميلة ومؤدبة، محافظة ومتفتحة، مستريحة مادياً، وتجيد الطبخ، وماهرة في التبعل لزوجها، تشاركه في المناقشات السياسية والثقافية حين يريد، طموحة ومتواضعة، تعمل ـ لتشارك في اقتصاديات البيت صباحاً, وتطبخ ظهراً، وتفتح له "الكازينو" في الليل فترقص وتغني.. وهكذا.
وهذه المرأة التي يريدها موجودة بالطبع، ولكن في الأحلام، ولا بأس من الأحلام، والملفت أنه يجد من تعده, ولو ضمنياً بذلك، وليس هناك أسهل من الكلام.
* وآدم الشرقي يركبه "الوسواس": تعجبه الواحدة منهن، فيبدأ في نصب شباكه حولها، ويتقرب منها بالأسلوب الذي يناسبها فإذا استجابت ووقعت في الشباك زهد فيها، وراح يبحث عن غيرها، إذا تمنعت ربما واصل العدو وراءها، ولا يمنع ذلك أن يسعى لاصطياد أخرى في نفس الوقت، وإذا أحبته، وتحملت من أجله، وتنازلت في قليل أو كثير جاء يقول: إن من تنازلت مرة يمكن أن تتنازل مرات ومرات!!
* وآدم الشرقي يرى المتاح من البنات الجاهزات للزواج كثيرا، ويرى الجاهزين للزواج من الشباب قليلا، وكلما كثر العرض بهذا الكم ونقص الطلب، أحس "آدم" أنه "نادر الوجود"، وهذا الشعور يزيده تيهاً ودلالاً في مجتمع يضغط على الفتاة المتأخرة في الزواج وأهلها، ويعطيها وصمة "العانس" رغم أنها يمكن أن تكون أسعد بكثير من "زوجة تعيسة"، ولكنها التقاليد البالية.
* وحواء الطبيعية تريد الحب والحنان والجنس بالزواج الحلال، والطلب قليل، والماديات صعبة، والطموحات هائلة، وفي هذا المناخ قد تلعب "حواء" بأكثر من بطاقة، أو على أكثر من حبل، أو في أكثر من خط "لعل وعسى" فلا بأس من كلمة مجاملة هنا، وابتسامة "بريئة" هناك، ولا بأس من بعض الأصباغ والمكياج والعطور لتشجيع "آدم"، فهل هذا يشجعه أم يغذي هواجسه وتناقضاته؟!
* وآدم الشرقي يحسن الكلام، ويجيد الوعود، ولا يتعب من مخالفة الوعد، واختلاق الأعذار، ولديه القدرة على التراجع حتى يوم الزفاف نفسه، والمبررات جاهزة وكثيرة.
ما أسهل كلمة: أحبك.. على لسانه.. يقولها مثل صباح الخير، ثم يتراجع عن مقتضياتها عند اللزوم، ومضى زمان كان فيه الرجل كلمة، وللبيوت حرمتها فمن دخلها، وقال: نعم، تحمل المسؤولية حتى يموت، ولا يتراجع إلا بالأصول، وفي الضرورة القصوى.
ولأن كل شيء أصبح وارداً فلا بأس من "التجريب"، ولا بأس من "التقليب"، فهو اليوم يسعى وراء
محتشمة ينشد عندها الالتزام الديني، وغداً عند جميلة يقصد فيها أن تعفه عن النظر لغيرها، وبعدها عند ثرية لتواسيه بمالها، وبعد ذلك مع صغيرة مدللة يلاعبها وتلاعبه، هكذا دون منطق متسق، ودون تحديد لما يريد بوضوح.
والنصيحة لحواء العربية أن تكف عن الدوران في هذه اللعبة المعقدة، وأن يكون لها كيانها الذي تستمده من
شخصيتها المستقلة،  وارتباطها بمجتمعها، ودورها في الحياة دارسة ومتعلمة ثم باحثة أو عاملة.